السبت، 7 يونيو 2008

إلى أهل القرآن طلاباًوحفاظاً ومدرسين2

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى أهل القرآن طلاباًوحفاظاً ومدرسين2

7 - الطيب ظاهراً و باطناً

فإن حامل القرآن طيب يشع منه القول الطيب والسلوك الطيب والسمت الطيب ، بل والـرائـحـة الطيبة ، وفيما أخرجه الترمذي وحسنه ما روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ( تعلموا القرآن وأقرؤه فإن مثل القرآن لمن تعلمه فقرأه وقام به كمثل جراب محشوٍ مسكاً يفوح ريحه في كل مكان ، ومثل من تعلمه فيرقد وهو في جوفه كمثل جراب وكي على مسك ) . فأنت في يقظتك ومنامك يفوح منك الطيب ظاهراً وباطناً قد طيبت باطنك وطهرت قلبك ونقيت نفسك بهذا الكلام الطاهر الشريف، كلام رب العالمين، وكذلك في صحيح البخاري عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( مثل المؤمن الذي يقرأ القران مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرأن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ) ، فعلى كل حال مادام القرآن بين جنبيك فأنت طيب ظاهراً وباطناً .
8 - الوصية المهمة
أنت قائم بالوصية العظيمة التي أوصى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه ما خلف درهماً ولا ديناراً ولا أوصى بأرض ولا ضياع ، وإنما كما ورد في صحيح البخاري ومسلم عن عبد الله بن أبي أوفى أنه سئل وقيل له : أأوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقال : لا ، قيل : كيف كتب على الناس الوصية أو أمروا بالوصية ؟ قال : أوصى بكتاب الله " ، هذه وصية النبي لأمته ، فأنت آخذ بهذه الوصية قائم ببعض الواجب فيها ، فاعلم انك في هذا الميدان على قدر ومنزلة شريفة .
9 - الصلة السماوية
أنت عندما تقرأ القرآن وترتبط به تربط أسباب الارض بالسماء ؛ فإن هذا القران قد أنزل من فوق سبع سموات ، وأنزل لتحيا به القلوب ، وأنزل ليغيّر ظلمات هذه الارض ، ويشع فيها النور يهدي الله - عزوجل - بذلك من يشاء ، فإذا قرأت القران فأنت تستنزل الأسباب ، وتكون ذا صلة بالسموات وهي صلة حسيه لا معنوية ، ففي البخاري من حديث أسيد بن حضير - رضي الله عنه - قال بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة ، وفرسه مربوط عنده إذ جالت الفرس فسكت فسكتت الفرس ، فقرأ فجالت الفرس ، فسكت فسكتت الفرس ، ثم قرأ فجالت الفرس ، فانصرف وكان ابنه يحيى قريباً منها فأشفق أن تصيبه ، فلما أجتره رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراه ، فلما أصبح حدّث النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: اقرأ يا ابن حضير، اقرأ يا ابن حضير ، قال: أشفقت يارسول الله أن تطأ يحيى ، وكان منها قريباً فرفعت رأسي إلى السماء، فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح فخرجت حتى لا أراها ، قال : أوتدري ما ذاك ؟ قال : لا ، قال : ( تلك الملائكة دنت لصوتك ، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم ). وفيما روى الإمام مسلم من حديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ) ولا شك أن هذه صلة عظمى ومنزله عالية .
10 - النورانية الربانية
وهي منزلة عظيمة ينبغي أن تحرص عليها وأن تذكرها وأن تعرف قدرها فإن هذا النور الرباني يضيء قلبك ويضيء طريقك والله عزوجل قد قال: {وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم } ، وقد ذكر ابن سابط كما روى ذلك عنه ابن أبي شيبة في مصنفه في كتاب فضائل القران أنه قال: " أن البيوت التي يقرأ فيها القرآن لتضيء لأهل السماء كما تضيء السماء لأهل الأرض ، وأن البيت الذي لا يقرأ فيه القران ليضيق على أهله وتحضره الشياطين وتنفر منه الملائكة ، وأن أصفر البيوت لبيت أصفر من الكتاب الله" فلا شك أن هذه منزلة عظيمة ينبغي أن تحرص عليها .
11- الحصانة الالهية
أنت محفوظ بهذا القران بحفظ الله - عزوجل - ولست أفيض في ذلك ، فحسبنا أن نعلم حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي رواه الحاكم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: ( إن سورة في القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له) ،وفي حديث النبي عليه الصلاة والسلام أيضاً في ذكر سورة البقرة والآيات الاخيرة من سورة البقرة وفي ذكر العصمة من الدجال في قراءة عشر آيات من الكهف أحاديث كثيرة سيأتي ذكر بعضها لاحقا .
12 - الانتساب العظيم
فإنك عندما تكون في صلة مع كتاب الله - عزوجل - فإنما أنت في هذا الميدان العظيم منتسب إلى الله ، كماورد في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام : ( إن اهل القرآن هم أهل الله وخاصته ) ، فأنت منتسب إلى الله ،أعظم به من نسب ومن شرف ، فالإنسان لايشرف الابما

يحفظه من القرآن ، وكما قال الإمام ابن الجزري رحمه الله:لذاك كان حاملو القرآن **** أشراف الأمة أولى الإحـسانو إنهم في الناس أهـل الله **** و إن ربنا بهـــم يباهـيو قال في القرآن عنهم وكفى **** بأنه أورثه ما اصطـفـى وكما قال تعالى:{ ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا } ، وكما قال صلّى الله عليه وسلم : ( إن لله أهلين من الناس ، قيل من هم يا رسول الله ؟ قال : أهل القران هم أهل الله وخاصته ) .الأجر والمثوبةلئن كان هذا قدره ومنـزله في الدنيا والآخرة فاعلم أن وراء ذلك أجراً عظيماً ، نعلمه ويعلمه كثير منا ولا باس أن نذكره تذكيراً وموعظةً لعل ذلك أيضاً أن يكون أعون على الخير وأعظم في ارتباطنا بكتاب الله عزوجل ، فقد روى الترمذي وغيره عن ابن مسعود قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:( من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ) ، ومما روى الشيخان عن عائشة قالت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران ) ، أجر المشقة وأجر القراءة ، وروى مسلم عن عقبة بن عامر قال خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن في الصفة فقال:( أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطع رحم ) ، فقلنا : يا رسول الله نحب ذلك ، قال : ( أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله - عز وجل - خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل ) ،
وإذا جاز لنا أن نقرب الصورة لو قيل لأحدنا تذهب إلى مكان ما وستجد سيارتين أو ثلاث من أفخر أنواع السيارات فتأخذها ، فماذا سيصنع الناس ؟، سوف يتسابقون تسابقاً ليس بعده تسابق ، والله عزوجل قد ذكرنا بعظيم الأجر والمثوبة في قوله جل وعلا : { إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله أنه غفور شكور } وهذا أمر كما قلت واضح ، ومن أوضحه وأعظمه أجراً ما رواه الترمذي عن ابن عمر – رضي الله عنهم – قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -:
( يقال لقارئ القرآن يوم القيامة اقرأ وأرق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ؛ فإن منزلتك عند آخر آيه تقرؤها ) .
للموضوع بقية

ليست هناك تعليقات: