الخميس، 12 يونيو 2008

كيف تجعل طفلك يحب القرآن؟


كيف تجعل طفلك يحب القرآن؟


الأهداف :

جعل الطفل يحب القرآن

تيسير و تسهيل حفظ القرآن لدى الطفل

اثراء الطفل لغويا ومعرفيا.


هذه الطرق منبثقة من القرآن نفسه كل الأفكار لا تحتاج لوقت طويل (5-10 دقائق )ينبغي احسان تطبيق هذه الافكار بما يتناسب مع وضع الطفل اليومي كما ينبغي المداومة عليها وتكرارها وينبغي للأبوين التعاون لتطبيقها.

ولعلنا نخاطب الام أكثر لارتباط الطفل بها خصوصا في مراحل الطفولة المبكرة :

استمعي للقران وهو جنين :

الجنين يتأثر نفسيا وروحيا بحالة الام وما يحيط بها اثناء الحمل فاذا ما داومت الحامل على الاستماع للقران فانها ستحس براحة نفسية ولا شك وهذه الراحة ستنعكس ايجابا على حالة الجنين. لان للقران تأثيرا روحيا على سامعه وهذا التأثير يمتد حتى لمن لا يعرف العربية فضلا عن من يتقنها.راحتك النفسية اثناء سماعك للقران = راحة الجنين نفسهاستماعك في فترة محددة وان تكن قصيرة نسبيا تؤثر عليك وعلى الجنين طول اليوم.

استمعي للقران وهو رضيع :

من الثابت علميا ان الرضيع يتأثر بل ويستوعب ما يحيط به فحاسة السمع تكون قد بدأت بالعمل الا ان هذه الحاسة عند الكبار يمكن التحكم بها باستعادة ما خزن من مفردات. اما الرضيع فانه يخزن المعلومات و المفردات لكنه لا يستطيع استعادتها او استخدامها في فترة الرضاعة غير انه يستطيع القيام بذلك بعد سن الرضاعة. لذلك فان استماع الرضيع للقران يوميا لمدة 5-10 دقائق (وليكن 5 دقائق صباحا واخرى مساءا) يزيد من مفرداته المخزنه مما يسهل عليه استرجاعها بل وحفظ القرآن الكريم فيما بعد.

اقرئي القرآن أمامه (غريزة التقليد) :

هذه الفكرة تنمي عند الطفل حب التقليد التي هي فطر فطر الله الانسان عليها فــ(كل مولود يولد على الفطرة فأبواه)ان قرائتك للقران امامه او معه يحفز بل ويحبب القرآن للطفل بخلاف ما لو امرتيه بذلك وهو لا يراك تفعلين ذلك. ويكون الامر أكمل ما لو اجتمع الام والاب مع الابناء للقراءة ولو لفترة قصيرة.

اهديه مصحفا خاص به :

ان اهدائك مصحفا خاصا لطفلك يلاقي تجاوبا مع حب التملك لديه. وان كانت هذه الغريزة تظهر جليا مع علاقة الطفل بألعابه فهي ايضا موجودة مع ما تهديه اياه. اجعليه اذا مرتبطا بالمصحف الخاص به يقرأه و يقلبه متى شاء.

اجعلي يوم ختمه للقران يوم حفل( الارتباط الشرطي ) :

هذه الفكرة تربط الطفل بالقرآن من خلال ربطه بشيء محبب لديه لا يتكرر الا بختمه لجزء معين من القرآن. فلتكن حفلة صغيرة يحتفل بها بالطفل تقدم له هدية بسيطة لانه وفى بالشرط . هذه الفكرة تحفز الطالب وتشجع غيره لانهاء ما اتفق على انجازه.

قصي له قصص القرآن الكريم :

يحب الطفل القصص بشكل كبير فقصي عليه قصص القرآن بمفردات واسلوب يتناسب مع فهم ومدركات الطفل. وينبغي ان يقتصر القصص على ما ورد في النص القرآني ليرتبط الطفل بالقرآن ولتكن ختام القصة قراءة لنص القرآن ليتم الارتباط ولتنمي مفردات الطفل خصوصا المفردات القرآنية.

أعدي له مسابقات مسلية من قصار السور ( لمن هم في سن 5 او اكثر):

هذه المسابقة تكون بينه وبين اخوته او بينه وبين نفسه. كأسئلة واجوبة متناسبة مع مستواه.فمثلا يمكن للام ان تسأل ابنها عن : كلمة تدل على السفر من سورة قريش؟ ج رحلةفصلين من فصول السنة ذكرا في سورة قريش؟ ج الشتاء و الصيفاذكر كلمة تدل على الرغبة في الاكل؟ ج الجوعاو اذكر الحيوانات المذكورة في جزء عم او في سور معينه ؟وهكذا بما يتناسب مع سن و فهم الطفل.

اربطي له عناصر البيئة بآيات القران :

من هذه المفردات: الماء/السماء/الارض /الشمس / القمر/ الليل/ النهار/ النخل/. العنب/ العنكبوت/ وغيرها.يمكنك استخدام الفهرس او ان تطلبي منه البحث عن اية تتحدث عن السماء مثلا وهكذا.

مسابقة اين توجد هذه الكلمة :

فالطفل يكون مولعا بزيادة قاموسه اللفظي. فهو يبدأ بنطق كلمة واحدةثم يحاول في تركيب الجمل من كلمتين او ثلاث فلتكوني معينة له في زيادة قاموسه اللفظي و تنشيط ذاكرة الطفل بحفظ قصار السوروالبحث عن مفردة معينة من خلال ذاكرته كأن تسأليه اين توجد كلمة الناس او الفلق وغيرها.

اجعلي القرآن رفيقه في كل مكان :

يمكنك تطبيق هذه الفكرة بأن تجعلي جزء عم في حقيبته مثلا. فهذا يريحه ويربطه بالقرآن خصوصا في حالات التوتر والخوف فانه يحس بالامن ما دام معه القرآن على أن تيعلم آداب التعامل مع المصحف.

اربطيه بالوسائل المتخصصه بالقرآن وعلومه :

( القنوات المتخصصة بالقرآن، اشرطة، اقراص، مذياع وغيرها )هذه الفكرة تحفز فيه الرغبة في التقليد والتنافس للقراءة والحفظ خصوصا اذا كان المقرءون والمتسابقون في نفس سنه ومن نفس جنسه. رسخي في نفسه انه يستطيع ان يكون مثلهم او احسن منهم اذا واظب على ذلك.

اشتري له اقراص تعليمية :

يمكنك استخدام بعض البرامج في الحاسوب لهذا الهدف كالقارئ الصغير او البرامج التي تساعد على القراءة الصحيحة والحفظ من خلال التحكم بتكرار الاية وغيرهكما ان بعض البرامج تكون تفاعلية فيمكنك تسجل تلاوة طفلك ومقارنتها بالقراة الصحيحة.

شجعيه على المشاركة في المسابقات ( في البيت/المسجد/المكتبة/المدرسة/البلدة )

ان التنافس امر طبيعي عند الاطفال ويمكن استغلال هذه الفطرة في تحفيظ القرآن الكريم. اذ قد يرفض الطفل قراءة وحفظ القرآن لوحده لكنه يتشجع ويتحفز اذا ما دخل في مسابقة او نحوها لانه سيحاول التقدم على اقرانه كما انه يحب ان تكون الجائزة من نصيبه. فالطفل يحب الامور المحسوسة في بداية عمره لكنه ينتقل فيما بعد من المحسوسات الى المعنويات. فالجوائز والهدايا وهي من المحسوسات تشجع الطفل على حفظ القرآن الكريم قد يكون الحفظ في البداية رغبة في الجائزة لكنه فيما بعد حتما يتأثر معنويا بالقرآن ومعانيه السامية.كما ان هذه المسابقات تشجعه على الاستمرار والمواظبة فلا يكاد ينقطع حتى يبدأ م ن جديد فيضع لنفسه خطة للحفظ. كما ان احتكاكه بالمتسابقين يحفزه على ذلك فيتنافس معهم فان بادره الكسل ونقص الهمه تذكر ان من معه سيسبقوه فيزيد ذلك من حماسه

سجلي صوته وهو يقرأ القرآن :

فهذا التسجيل يحثه ويشجعه على متابعة طريقه في الحفظ بل حتى اذا ما نسي شي من الآيات او السور فان سماعه لصوته يشعره انه قادر على حفظها مرة اخرى. اضيفي الى ذلك انك تستطيعين ادراك مستوى الطفل ومدى تطور قرائته وتلاوته.

شجعيه على المشاركة في الاذاعة المدرسية والاحتفالات الاخرى

مشاركة طفلك في الاذاعة المدرسية خصوصا في تلاوة القرآن- تشجع الطفل ليسعى سعيا حثيثا ان يكون مميزا ومبدعا في هذه التلاوة. خصوصا اذا ما سمع كلمات الثناء من المعلم ومن زملائه. وينبغي للوالدين ان يكونا على اتصال بالمعلم والمسؤول عن الاذاعة المدرسية لتصحيح الاخطاء التي قد يقع فيها الطفل وليحس الطفل بانه مهم فيتشجع للتميز اكثر.

استمعي له وهو يقص قصص القرآن الكريم

من الاخطاء التي يقع فيها البعض من المربين هو عدم الاكتراث بالطفل وهو يكلمهم بينما نطلب منهم الانصات حين نكون نحن المتحدثين. فينبغي حين يقص الطفل شيئا من قصص القرآن مثلا ان ننصت اليه ونتفاعل معه ونصحح ما قد يقع منه في سرد القصة بسبب سوء فهمه للمفردات او المعاني العامة. كما ان الطفل يتفاعل بنفسه اكثر حين يقص هو القصة مما لو كان مستمعا اليها فان قص قصة تتحدث عن الهدى والظلال او بين الخير والشر فانه يتفاعل معها فيحب الهدى والخير ويكره الظلال والشر. كما ان حكايته للقصة تنمي عنده مهارة الالقاء و القص . والاستماع منه ايضا ينقله من مرحلة الحفظ الى مرحلة الفهم ونقل الفكرة ولذلك فهو سيحاول فهم القصة اكثر ليشرحها لغيره ...

الى ان هذه الفكرة تكسبه ثقة بنفسه فعليك بالانصات له وعدم اهماله او التغافل عنه.

حضيه على امامة المصلين ( خصوصا النوافل ) :

ويمكن للام ان تفعل ذلك كذلك مع طفلها فب بيتها فيأم الاطفال بعضهم بعضا وبالتناوب .

اشركيه في الحلقة المنزلية :

ان اجتماع الاسرة لقراءة القرآن الكريم يجعل الطفل يحس بطعم و تأثير اخر للقران الكريم لأن هذا الاجتماع والقراءة لاتكون لأي شيء سوى للقران فيحس الطفل ان القرآن مختلف عن كل ما يدور حوله. ويمكن للاسة ان تفعل ذلك ولو لـ 5 دقائق.

ادفعيه لحلقة المسجد :

هذه الفكرة مهمة وهي تمني لدى الطفل مهارات القراءة والتجويد اضافة الى المنافسة.

اهتمي بأسئلته حول القرآن.

احرصي على اجابة أسئلته بشكل مبسط وميسر بما يتناسب مع فهمه ولعلك ان تسردي له بعضا من القصص لتسهيل ذلك.

وفري له معاجم اللغة المبسطة (10 سنوات وما فوق)

وهذا يثري ويجيب على مفردات الام والطفل. مثل معجم مختار الصحاح والمفردات للاصفهاني وغيرها.

وفري له مكتبة للتفسير الميسر( كتب ،اشرطة،اقراص )

ينبغي ان يكون التفسير ميسرا وسهلا مثل تفسير الجلالين او شريط جزء عم مع التفسير. كما ينبغي ان يراعى الترتيب التالي لمعرفة شرح الايات بدءا بالقرآن نفسه ثم مرورا بالمفردات اللغوية والمعاجم وانتهاءا بكتب التفسير. وهذا الترتيب هدفه عدم حرمان الطفل من التعامل مباشرة مع القرآن بدل من الاتكال الدائم الى اراء المفسرين واختلافاتهم.

اربطيه باهل العلم والمعرفة

ملازمة الطفل للعلماء يكسر عنده حاجز الخوف والخجل فيستطيع الطفل السؤال والمناقشة بنفسه وبذلك يستفيد الطفل ويتعلم وكم من عالم خرج الى الامة بهذه الطريقة..

ربط المنهج الدراسي بالقرآن الكريم

ينبغي للأم والمعلم ان يربطا المقررات الدراسية المختلفة بالقرآن الكريم كربط الرياضيات بآيات الميراث و الزكاة وربط علوم الاحياء بما يناسبها من ايات القرآن الكريم وبقية المقررات بنفس الطريقة.

ربط المفردات والاحداث اليومية بالقرآن الكريم

فان اسرف نذكره بالآيات الناهية عن الاسراف واذا فعل اي فعل يتنافى مع تعاليم القرآن نذكره بما في القرآن من ارشادات وقصص تبين الحكم في كل ذلك.

السبت، 7 يونيو 2008

إلى أهل القرآن طلاباًوحفاظاً ومدرسين1


بسم الله الرحمن الرحيمالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إلى أهل القرآن طلاباًوحفاظاً ومدرسين
المقدمةإن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، نحمده جل وعلا على آلائه ونعمه التي لا تعد ولا تحصى حمداً كما يحب ربنا ويرضى والصلاة والسلام الدائمان التامان الأكملان على النبي الكريم سيدنا ونبينا محمد الصادق الوعد الأمين وعلى آله وصحابته أجمعين وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك يا أرحم الراحمين .
أما بعد - أيها الاخوة الكرام - سلام الله عليكم ورحمته وبركاته ، وهذا موعدنا مع درسنا بعنوان :
" إلى أهل القرآن طلاباً وحفاظاً ومدرسين "
، والله أسأل أن يجمعنا وإياكم في مستقر رحمته ودار كرامته ، وأن يجعلنا من أهل القرآن العاملين به والتالين له ، والمتدبرين فيه والناشرين لعلومه ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وحديثنا اليوم هو أيضاً حديثٌ ذو شجون ، وله شعب كثيرة وفروع عديدة لا يجمعها مثل هذا المقام ، ويضيق عنها مثل هذا الوقت ، ولكن كما كنا في الدروس التي مضت نختصر ونقتصر ، ونجعل ما نذكره إشارة إلى ما نفعله وما ننشره منها على ما يطوى من القول ويشار إليه في مظانه ومراجعه ، ونبدأ الحديث بالحديث عن أهل القرآن ليعرفوا أنفسهم وليعرفهم الناس ونبدأ بـ :
القدر والمنزلة
إن القدر والمنزلة التي جعلها الله - عزوجل - لأهل القرآن - الذين يشتغلون به تلاوة وتدبرا وحفظاً واستذكاراً وتعلماً وتعليماً وعملاً ودعوة وتطبيقاً- لاشك أنها منزلة من أسمى وأرقى وأعلى ما يمكن أن يحوزه مسلم بعمل من الأعمال التي يرجوا بها القرب من الله - عزوجل - وحسبي أن أشير إلى بعض ملامح هذه المنزلة وذلك القدر .
1- الخيرية الفائقة
لقد أخبرنا المصطفى – صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي لا أحسب أن أحداً لا يحفظه ، ولكنه يحتاج إلى مزيد التأمل والتدبر والتفكير في مضمونه وفي دلالته ذلك ان المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وهو يعلم خيرية أمته على سائر الأمم ويعلم خيرية الصالحين والعابدين من أمته- يجعل الخيرية في اطلاق حديثه - عليه الصلاة والسلام - مخصوصة بالمرتبط بهذا القــرآن كـمـا في الصحيح من حديث عثمان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) ، وفي لفظ آخر عند البخاري : ( أن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه ) ، فاعلم أن المرتبط بالقرآن تعليماً وتعلّماً في الرتبة العليا والمنزلة الرفيعة في هذه الأمة التي شرفها الله عزوجل .

2 - الشفاعة النافعة
بإذن الله عزوجلونحن نعلم أن كل أحد في هذه الحياة الدنيا يلتمس أسباب النجاة ، ويحرص على الفكاك من النار والعتق من سخط الله سبحانه وتعالى ، وإذا بالقرآن الذي يحرص عليه صاحبه ويرتبط به ، ويسعى دائماً إلى أن يكون عظيم الصلة به ، هو الذي يشفع في صاحبه ، وتدور في ذلك أحاديث كثيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن ذلك ما ورد في صحيح مسلم عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
( اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، اقرءوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنها تأتيان يوم القيامة كأنها غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما ، اقرءا سورة البقرة فإن اخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعا البطلة )
، قال معاوية - يعني ابن سلاّم - بلغني أن البطلة السحرة ، فهذا نص منه - عليه الصلاة والسلام - أن القران يشفع لصاحبه ، وفي بعض ما أثر أيضاً أن المرء إذا انشق عن قبره يلقاه القرآن في صورة إنسان وقد شحب - ويكون المرء قد شحب لونه من هول ذلك المطلع فيطمئنه هذا القران - ويقول له: " ألم تعرفني فيقول لا فيقول أنا الذي اظمأتك في الهواجر أنا الذي أسهرتك في الليالي " ، ثم يشفع فيه فيشفع بإذن الله - عزوجل - وفي صحيح مسلم أيضاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( يوتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان أو ظلتان سوداوان بينهما شرق أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما ) ،
وكما ذكر ذلك أيضاً علماء الاسلام مذكّرين بعظيم المنزلة والشرف الذي يحوزه حافظ القران والمرتبط به فيقول ابن الجزري - رحمة الله عليه - في طيبة النشر : و هـو فـي الأخـرى شـافـع مشفع **** فـيـه وقـولـه عـلـيـه يـسمعيـعـطـي بــه الملك مـع الخلد إذا **** تُـوّجـه تــاج الـكـرامـة كـذايـقـرأ ويــرقــى درج الجـنـان **** و أبـــواه مـنـه يـُكْـسـيـانوتدور أيضاً في ذلك أحاديث وآثار كثيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن صحابته .
3 - المعجزه العظيمة
- المعجزه العظيمة فأنت أيها المرتبط بالقران متصل بأعظم معجزة في هذا الوجود ، ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بيّن أن معجزته الكبرى الخالدة ما دامت السموات والأرض هي هذا القران المعجز الذي يحي القلوب ويوقظ العقول وينشط الضعيف الكسول ، ويحمل الخير كله من أطرافه ، فأنت عندما ترتبط به فإنما ترتبط بأعظم معجزة لله - عزوجل - في هذا الوجود ، وكما ورد في مصنف ابن ابي شيبة عن إسماعيل بن رافع عن رجل عن عبد الله بن عمرو أنه قال : ( من قرأ القـرآن فكـأنما استدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه ) ،
وفي صحيح الامام البخاري من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( ما من نبي من الأنبياء الا أعطي على ما مثل ما آمن به من البشر - أي أعطي معجزة تكون من أسباب إيمان البشر وإظهار صدق نبوة هذا النبي - وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة ) .فأنت إذاً ترتبط بالرسالة وبالوحي وبالمعجزة الخالدة ، فهنيئاً لك شرف هذا الارتباط .
4- المنافسة الكبيرة
عندما يشتغل الناس بالصفق في الاسواق ، وعندما يتزاحم الناس على لذات الدنيا وشهواتها ، وعندما يتسابقون إلى الرفعة والجاه فيها ، وعندما يتنافسون على أبواب السلاطين تبقى أنت تتنافس في أعظم الامور وأشرفها حتى أن أهل الفقه والإيمان ليرون أنك قد سبقتهم سبقاً عظيماً وقد فقتهم فوقا كبيراً ، حتى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد جمع صاحب القران مع صاحب المال المنفق في سبيل الله وجعل عملهما أعظم الاعمال التي يحرص كل أحد على المنافسة فيها والمسابقة إليها والمواظبة عليها قدر استطاعته فقد ورد في صحيح مسلم من حديث عبدالله بن عمر - رضي الله عنه - عن الرسول - صلى الله عليه وسلم – قال : ( لاحسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار ) فاذاً إذا تنافس المتنافسون ، فأنت في أعظم منافسة وإذا تسابق المتسابقون فأنت في أعظم ميدان فاعلم قدرك وليعرف الناس منـزلتك .
5 - المتابعة الشريفة
عندما ترتبط بكتاب الله - عزوجل - فإن أسوتك جبريل - عليه السلام - وإن أسوتك محمد - صلى الله عليه وسلم - وإن سلفك أبوبكر وعمر وعثمان وعلي وأبّي وزيد بن ثابت والكوكبة العظيمة الشريفة من صحب النبي - صلى الله عليه وسلم -وإن سلالتك متصلة بالائمة الأعلام والعباد والزهاد والأتقياء والصلحاء ؛ فإنك في الحقيقة تسير على طريق قد سبقك إليه الأشراف والأطهار ، بل سبق إليه الرسل والانبياء بل سبق اليه الملائكة المقربونفهذا نبينا - صلى الله عليه وسلم - ينبئنا أنه كان يتدراس القرآن مع جبريل - عليه السلام - فإن تدارست القران فتذكر تلك المدارسة التي ليس شيء أشرف منها في الدنيا كلها ، إذ فيها أمين الوحي جبريل وفيها خاتم الرسل محمد - صلى الله عليه وسلم - فما أعظم هذه المتابعة ! وما أشرف هذه السلسلة ! ، ففي البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس بالخير وأجود ما يكون في رمضان لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ ، يعرض عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القرآن فإذا لقيه كان أجود بالخير من الريح المرسلة ) .وانظر إلى آثار كثيرة وأحاديث عديدة تبيّن لك أنك عندما تشتغل بالقران ؛ فإنما تشتغل بما اشتعل به الذين قد بلغوا الغاية العالية والمنزلة الرفيعة ، والقرب من الله - عزوجل - ففي البخاري ومسلم من حديث عائشة - رضّي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلاً يقرأ من الليل ، فقال : يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية كنت أسقطها من سورة كذا وكذا ، ولم يكن القارئ يقصد المراجعة ولا المدراسة مع النبي - صلّى الله عليه وسلم - فكيف بمن يقصد ذلك ترداداً وتذكيراً وحفظاً ومراجعة ومدارسة ، فهذا رجل دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما أحيا وقته وأحيا بيت الله عزوجل بتلاوة القرآن ، قال : ( يرحمه الله لقد اذكرني كذا وكذا من سورة .. ) ، فما بالك بالقاصد المريد لترى حينئذ الفضل العظيم عندما تثني ركبتيك في حِلَق القرآن ، وعندما تطأطئ رأسك بين يدي حافظ القرآن الذي يعلمك إنك إنما تهبط إلى شرفٍ عظيمٍ ، وإنما تجلس في رتبة عليا ، فهذا ابن مسعود - رضي الله عنه – يقول : " لقد أخذت من فم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضعاً وسبعين سورة والله لقد علم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنني من أعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم " ،وهكذا يقول شقيق صاحب ابن مسعود - رضي الله عنه - : " فجلست في الحلق أسمع ما يقولون - يعني عن ابن مسعود - فكان القول ما قال - أي في علو منزلته وعلمه بكتاب الله عزوجل – " ، وعن سليمان بن يسار - كما في مصنف ابن ابي شيبة - أن عمر - رضي الله عنه - انتهى إلى قوم يقرئ بعضهم بعضاً فلما رأوا عمر سكتوا ، فقال : ما كنتم تراجعون قال : كنا يقرئ بعضنا بعضاً ، قال : " اقرءوا ولا تلحنوا " .فلقد كانت سنة ماضية نحن على إثرها سائرون حلق ومدارسة وحفظ ومذاكرة ، فما أجلّها من متابعة ! وما أعظمها من موافقة ! وفي حديث مسروق عن عائشة - رضي الله عنها - عن فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم - قالت : أسر إليّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ( أن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة، وأنه عارضني الآن مرتين، ولا أره إلا قد حضر أجلي ) .وهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخاطب عبدالله بن مسعود بقوله:" اقرأ عليّ ، قال ابن مسعود متعجباً : أقرأ عليك وعليك أنزل ؟! قال : نعم ؛ فإني أحب أن أسمعه من غيري - فلا تستكثرن ذلك ولا تأنفن منه ولا يكونن أحد ممتنعاً أن يسمع القرآن ممن هو أدنى منه فقد طلب النبي - عليه الصلاة والسلام - ذلك من ابن مسعود - رضّي الله عنه - فقرأ عليه من أول سورة النساء حتى جاء إلى قوله عزوجل : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيدٍ وجئنا بك على هؤلاء شهيدا * يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الارض ولا يكتمون الله حديثا } ، قال : حسبك حسبك ، قال ابن مسعود فنظـرت فالتفت إليه ؛ فإذا عيناه صلّى الله عليه وسلم تذرفان " ، وفي حديث أنس المتفق عليه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبّي بن كعب : ( إن الله امرني أن أقرأ عليك القرآن ) ـ فانظر رعاك الله هذه المتابعة الشريفة والقدر العظيم ؛ فإن الوحي ينزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - بأن يقرأ القران على أبّي ، قال : أآلله سماني لك ؟! – هل الوحي نزل باسمي مخصوصاً ؟! - قال نعم ، قال : وقد ذكرت عند ربّ العالمين ؟! قال : نعم ، فذرفت عيناه ، وحق له - رضّي الله عنه وأرضاه - فاعلم يا حامل القران ويا طالبه ويا معلمه أنك في هذه المتابعة تنال أعلى أوسمة الشرف ، فدعك من سير الناس شرقاً وغرباً ... وحسبك أنك تسير على أثر محمد - صلى الله عليه وسلم - وتعمل عمل أصحابه وتجلس مجالس العالماء الصالحين وناهيك بهذا عزّاً وفخراً .
6 - الشرف والتقدم
فانت مقدّم في أعظم الامور وأشرفها ، فأنت المقدم في الصلاة ، يقول النبي عليه الصلاة والسلام :
( يؤم القوم اقرؤهم لكتاب الله ) ، فهذه الصلاة التي هي أعظم العبادات ، وآكد الاركان ، وأكثرها تكراراً وكما أثر عن السلف انهم لم يكونوا يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة ومما يدل على هذا التقدم حتى بعد الموت ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - في دفن شهداء أحد فقد أخرج البخاري عن جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد ثم يقول : " أيّهم أكثر أخذاً للقرآن ؛ فإن أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد " ، فحتى بعد موتك فأنت المقدّم ومهما كنت موصوفاً بنقص عند الناس ، فكتاب الله يذهب نقصك ويرفع قدرك ، وفيما رواه مسلم لما تسلية لك وذلك لما سأل عمر - رضي الله عنه - عامله على أهل مكة قال من خلفت على أهل مكة قال : ابن بزة ، قال : ومن ابن بزة ؟ قال رجل من الموالي فقال عمر ـ كالمتعجب أو المستنكر - استخلفت عليهم مولى ! فقال : إنه قارئ لكتاب الله ، فقال عمر : أما إن نبيك قال : ( إن الله ليرفع بهذا القران أقواما ويضع آخرين ) .ولقد كان القراء هم أصحاب مجلس عمر - رضي الله عنه – ومستشارونه ، كهولاً وشباباً ، وكان عمر يجعل في مجلسه عبدالله بن عباس وهو صغير السن ، وكان بعض الأنصار يقول لعمر : مالك تدخل علينا هذا الغلام وفي أبنائنا من هو أسن منه! ، فما كان جواب عمر إلا أن بيّن لهم عملياً أن الفضل بالعلم لا بالسن ، فيسأل في كتاب الله ما يتحيرون فيه ، ويكون الصواب عند ابن عباس – رضي الله عنهما - ، فيظهر لهم علمه ، ويجلو علو كعبه ، ولما سألهم عن معنى قوله : { إذا جاء نصر الله والفتح } ما يعلمون منها ، قالوا : " بشارة ساقها الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم " ، فنظر إلى ابن عباس – رضي الله عنهما - قائلاً : ما عندك فيها ؟ فقال: " أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نُعي إليه " ، فيقول عمر - رضي الله عنه -:" والله ما أعلم إلا ما ذكرت " .

إلى أهل القرآن( الوصايا الخاصة بالحفاظ)

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إلى أهل القرآن طلاباًوحفاظاً

الوصايا الخاصة بالحفاظ ولا شك أن الحفاظ يحتاجون إلى مزيد العناية والرعاية ، فكما يحتاجون إلى الوصايا العامة ويدخلون تحت مسمى الطلاب في وصاياهم ، لهم وصايا خاصة تخصهم دون غيرهم .
أولاً- إحكام التمكين
فلا بد بعد الفرح بختمك وحفظك أن تمكن وأن تراجع وأن تديم هذه المراجعة في أول الأمر خاصة ؛ لأن القران سريع التفلت في البداية فلابد أن تجعل لك ورداً يومياً للمراجعة والتمكين ، ولو أن تراجع في اليوم عشرة أجزاء فتختم في ثلاث ، وهو الحد الذي أثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لايفقه من قرأه في أقل منه .
ثانياً- دوام التلاوة
وذلك لتعاهد القرآن خوف نسيانه ، فعن أبي موسى - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:" تعاهدوا القران فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتاً- وفي رواية تفصياً- من قلوب الرجال من الإبل من عقلها " وروي كذلك عن ابن عمر - رضّي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" إنما مثل صاحب القران كمثل الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها وان أطلقها ذهبت" ، ولذلك لا بد من دوام التلاوة بالليل والنهار في الحل والترحال في الصلاة وخارجها ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في مسلم عن عائشة رضي اللع عنها :" يذكر الله على كل أحيانه " ، وفي حديث علي – رضي الله عنه – قال :" كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخرج من الخلاء فيقرئنا القرآن ويأكل معنا اللحم ولم يكن يحجبه أو قال يحجزه عن القران شيء ليس الجنابة " ، وفي حديث عائشة قالت:" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتكئ في حجري وأنا حائض ثم يقرأ القرآن " متفق عليه .فعليه أن يقرأه ويديم تلاوته قائماً وقاعداً ومستلقياً وإن كان متطهراً - أي متوضئاً أو غير متوضئ- لا يمنعه من تلاوة القران الا الجنابة وكما قال ابن الجزري في طيبة النشر :
فلــيــحــرص السعيد في تحصيله **** و لا يـمـلّ قـط مـن تـرتـيـله
و ليجتـهـد فـيـه وفـي تصحيحه **** على الذي نـقـل مـن صـحـيـحه
و هذا لاشك أنه من الأمور المهمة ، كما ذكر الإمام النووي - رحمه الله - في التبيان أنه قال :" ينبغي أن يحافظ على تلاوته ويكثر منها ، وكان السلف - رضي الله عنهم - لهم عادات مختلفة في قدر ما يختمون فيه ، روي عن أبي داود عن بعض السلف - رضي الله عنهم - أنهم كانوا يختمون في كل شهرين ختمة واحدة ، وعن بعضهم في كل شهر ختمة ، وعن بعضهم في كل عشر ليال ، وعن بعضهم كل ثمان ليالٍ ، وعن الأكثرين في كل سبع ليال وعن بعضهم كل ست ليال ، وعن بعضهم كل خمس ليال ، وعن بعضهم كل أربع ليال ، وعن الأكثرين في كل ثلاث ليال ، وعن بعضهم في كل ليلتين ، وختم بعضهم في كل يوم وليلة ، ومنهم من كان يختم في كل يوم وليلة ختمتين ، ومنهم من كان يختم ثلاثاً ، وختم بعضهم ثمان ختمات أربعاً بالليل وأربعاً في النهار" .
ثالثاً- إتقان التجويد
فلئن طلبت ذلك من الطالب فإنه من الحافظ آكد وألزم ؛ فإن الحافظ يُعد ويُرجى أن يكون مدرساً ومعلماً، فلا بد أن يعتني بالتجويد ، وبعض الناس يقولون بأن التجويد لا أهمية بل هو فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين ، وهذا كلام يسهل رده ؛ فإنه يلزم من كل صاحب علم إجادة ما هو فيه ، وإلا ما قامت فروض الكفايات ، وهذا صاحب العلم ، فيلزمه إتقان التجويد ، فيدرس متناً في التجويد ، ويعرف شرحه ويقصد شيخاً مجازاً ليقرأ عليه ويتصل سنده عنه فينال بهذا شرفاً عظيماً .
رابعاً - العمل بالتدريس في القرآن
فإن هذا من أكثر أسباب العون على دوام التلاوة والمدارسة ، مع ما فيها من الأجر والمثوبة ، والدخول في خيرية تعليم القرآن ونشره .
خامساً - الإستزادة من القرآن
فإذا حفظ جوّد ، وإذا جود طلب الاجازه في قراءته ، فإذا وجد في نفسه مكنه انتقل يجمع القراءات السبع أو العشر فيجمعها من طرقها المتعددة ؛ لأن هذا يربطه بالقران ، وينيله ما ذكر من القدر والمنزلة والشرف ، إضافه إلى قيامه بوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأن يكون سبباً من أسباب حفظ القران بكل حروفه التي نزل بها، والتي بلغها صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
سادساً- أن يفرح بنعمة الله - عزوجل -
فرحاً مشروعاً فلئن فرح الناس بتخرجهم من الجامعة أو حصولهم على الدكتوراة. فإن حفظ القران أعظم وأشرف ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) ، أُثر في بعض التفاسير أن ذلك الفرح إنما هو الفرح بكتاب الله - عزوجل - وقد ذكر الآجري في كتابه [ أخلاق حامل القرآن ] ما ينبغي للحافظ من بعض الآداب التي لا نطول الحديث بذكرها

إلى أهل القرآن طلاباًوحفاظاً ومدرسين2

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى أهل القرآن طلاباًوحفاظاً ومدرسين2

7 - الطيب ظاهراً و باطناً

فإن حامل القرآن طيب يشع منه القول الطيب والسلوك الطيب والسمت الطيب ، بل والـرائـحـة الطيبة ، وفيما أخرجه الترمذي وحسنه ما روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ( تعلموا القرآن وأقرؤه فإن مثل القرآن لمن تعلمه فقرأه وقام به كمثل جراب محشوٍ مسكاً يفوح ريحه في كل مكان ، ومثل من تعلمه فيرقد وهو في جوفه كمثل جراب وكي على مسك ) . فأنت في يقظتك ومنامك يفوح منك الطيب ظاهراً وباطناً قد طيبت باطنك وطهرت قلبك ونقيت نفسك بهذا الكلام الطاهر الشريف، كلام رب العالمين، وكذلك في صحيح البخاري عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( مثل المؤمن الذي يقرأ القران مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرأن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ) ، فعلى كل حال مادام القرآن بين جنبيك فأنت طيب ظاهراً وباطناً .
8 - الوصية المهمة
أنت قائم بالوصية العظيمة التي أوصى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه ما خلف درهماً ولا ديناراً ولا أوصى بأرض ولا ضياع ، وإنما كما ورد في صحيح البخاري ومسلم عن عبد الله بن أبي أوفى أنه سئل وقيل له : أأوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقال : لا ، قيل : كيف كتب على الناس الوصية أو أمروا بالوصية ؟ قال : أوصى بكتاب الله " ، هذه وصية النبي لأمته ، فأنت آخذ بهذه الوصية قائم ببعض الواجب فيها ، فاعلم انك في هذا الميدان على قدر ومنزلة شريفة .
9 - الصلة السماوية
أنت عندما تقرأ القرآن وترتبط به تربط أسباب الارض بالسماء ؛ فإن هذا القران قد أنزل من فوق سبع سموات ، وأنزل لتحيا به القلوب ، وأنزل ليغيّر ظلمات هذه الارض ، ويشع فيها النور يهدي الله - عزوجل - بذلك من يشاء ، فإذا قرأت القران فأنت تستنزل الأسباب ، وتكون ذا صلة بالسموات وهي صلة حسيه لا معنوية ، ففي البخاري من حديث أسيد بن حضير - رضي الله عنه - قال بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة ، وفرسه مربوط عنده إذ جالت الفرس فسكت فسكتت الفرس ، فقرأ فجالت الفرس ، فسكت فسكتت الفرس ، ثم قرأ فجالت الفرس ، فانصرف وكان ابنه يحيى قريباً منها فأشفق أن تصيبه ، فلما أجتره رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراه ، فلما أصبح حدّث النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: اقرأ يا ابن حضير، اقرأ يا ابن حضير ، قال: أشفقت يارسول الله أن تطأ يحيى ، وكان منها قريباً فرفعت رأسي إلى السماء، فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح فخرجت حتى لا أراها ، قال : أوتدري ما ذاك ؟ قال : لا ، قال : ( تلك الملائكة دنت لصوتك ، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم ). وفيما روى الإمام مسلم من حديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ) ولا شك أن هذه صلة عظمى ومنزله عالية .
10 - النورانية الربانية
وهي منزلة عظيمة ينبغي أن تحرص عليها وأن تذكرها وأن تعرف قدرها فإن هذا النور الرباني يضيء قلبك ويضيء طريقك والله عزوجل قد قال: {وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم } ، وقد ذكر ابن سابط كما روى ذلك عنه ابن أبي شيبة في مصنفه في كتاب فضائل القران أنه قال: " أن البيوت التي يقرأ فيها القرآن لتضيء لأهل السماء كما تضيء السماء لأهل الأرض ، وأن البيت الذي لا يقرأ فيه القران ليضيق على أهله وتحضره الشياطين وتنفر منه الملائكة ، وأن أصفر البيوت لبيت أصفر من الكتاب الله" فلا شك أن هذه منزلة عظيمة ينبغي أن تحرص عليها .
11- الحصانة الالهية
أنت محفوظ بهذا القران بحفظ الله - عزوجل - ولست أفيض في ذلك ، فحسبنا أن نعلم حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي رواه الحاكم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: ( إن سورة في القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له) ،وفي حديث النبي عليه الصلاة والسلام أيضاً في ذكر سورة البقرة والآيات الاخيرة من سورة البقرة وفي ذكر العصمة من الدجال في قراءة عشر آيات من الكهف أحاديث كثيرة سيأتي ذكر بعضها لاحقا .
12 - الانتساب العظيم
فإنك عندما تكون في صلة مع كتاب الله - عزوجل - فإنما أنت في هذا الميدان العظيم منتسب إلى الله ، كماورد في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام : ( إن اهل القرآن هم أهل الله وخاصته ) ، فأنت منتسب إلى الله ،أعظم به من نسب ومن شرف ، فالإنسان لايشرف الابما

يحفظه من القرآن ، وكما قال الإمام ابن الجزري رحمه الله:لذاك كان حاملو القرآن **** أشراف الأمة أولى الإحـسانو إنهم في الناس أهـل الله **** و إن ربنا بهـــم يباهـيو قال في القرآن عنهم وكفى **** بأنه أورثه ما اصطـفـى وكما قال تعالى:{ ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا } ، وكما قال صلّى الله عليه وسلم : ( إن لله أهلين من الناس ، قيل من هم يا رسول الله ؟ قال : أهل القران هم أهل الله وخاصته ) .الأجر والمثوبةلئن كان هذا قدره ومنـزله في الدنيا والآخرة فاعلم أن وراء ذلك أجراً عظيماً ، نعلمه ويعلمه كثير منا ولا باس أن نذكره تذكيراً وموعظةً لعل ذلك أيضاً أن يكون أعون على الخير وأعظم في ارتباطنا بكتاب الله عزوجل ، فقد روى الترمذي وغيره عن ابن مسعود قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:( من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ) ، ومما روى الشيخان عن عائشة قالت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران ) ، أجر المشقة وأجر القراءة ، وروى مسلم عن عقبة بن عامر قال خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن في الصفة فقال:( أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطع رحم ) ، فقلنا : يا رسول الله نحب ذلك ، قال : ( أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله - عز وجل - خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل ) ،
وإذا جاز لنا أن نقرب الصورة لو قيل لأحدنا تذهب إلى مكان ما وستجد سيارتين أو ثلاث من أفخر أنواع السيارات فتأخذها ، فماذا سيصنع الناس ؟، سوف يتسابقون تسابقاً ليس بعده تسابق ، والله عزوجل قد ذكرنا بعظيم الأجر والمثوبة في قوله جل وعلا : { إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله أنه غفور شكور } وهذا أمر كما قلت واضح ، ومن أوضحه وأعظمه أجراً ما رواه الترمذي عن ابن عمر – رضي الله عنهم – قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -:
( يقال لقارئ القرآن يوم القيامة اقرأ وأرق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ؛ فإن منزلتك عند آخر آيه تقرؤها ) .
للموضوع بقية

الاثنين، 2 يونيو 2008

خدمة جديدة وجميلة ..أشترك فيها






يصل الكثير من الناس بعض الرسائل الالكترونية عن الإسلام ويقومون بحذفها أو تجاهلها بحجة أنها طويلة ويثقل عليهم قراءتها.


لذلك خصصت هذه الصفحة للاشتراك في عظة يومية قصيرة أو حديث شريف أو آية تصل إلى بريد المشترك بحيث لن يصعب قراءتها والاستفادة منها راجيا من المولى عز وجل الأجر والثواب


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "بلـّغوا عني ولو آية".

وبشر الصابرين

بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


وبشر الصابرين

* * * * * * *
أقوال وقصص في فضل البلاء
يبتلي الله العبد وهو يحبه ليسمع تضرعه
اسمع يا عبد الله إلى بعض الأقوال المأثورة في فضل البلاء، تقول: لم يبتليني الرب جل وعلا؟ ولم يُنزل علي هذه المصيبة؟ ولم يعاقبني الرب جل وعلا؟
اسمع ماذا يقول بعض العلماء! يقولون: إن الله يبتلي العبد وهو يحبه -أتعرف لِمَه؟- ليسمع تضرعه، يحب الله جل وعلا أن يسمع تضرع العبد إليه سبحانه وتعالى.


هل فكرت قبل أن تطرق الأبواب، وقبل أن تستغيث بالناس، وقبل أن تلجأ إليهم أن تفر إلى الرب الغفور الرحيم، أن تلجأ إلى ذي الجلال والإكرام، قيل: البلاء يَسْتَخْرِج الدعاء، تجد الرجل لا يذكر ربه، لا يدعو الله، لا يقوم الليل، لا يقرأ القرآن، لا يتصدق، لا يفعل شيئاً، فإذا نزل البلاء اسْتُخْرِجَ هذا كله، فدمعت عينه، ورفع يديه، خشع قلبه، سكنت نفسه، وتاب إلى الله.


^^قصة رجل شل جسمه^^


قيل لأحد العُبَّاد: كيف كانت توبتك؟ -وهو
لبيد العابد- قيل له: كيف كانت توبتك؟ -اسمع كيف تاب إلى الله جل وعلا هذا الرجل!- يقول: لدغتني حية -ثعبان- فلم أحس بالألم وبعد فترة لم أشعر بيدي -شُلَّت يده اليمنى- يقول: وبعد أيام شُلَّت يدي الأخرى، وأنا ما أدري ما الذي أصنع وما الذي أفعل، يقول: ومرت الأيام فشُلَّت إحدى رجلَي ثم الأخرى، فطُرِحْت على الفراش، لا أستطيع أن أحرك جسمي كله، يقول: ومرت الأيام فعمي بصري، وطال علي الأمر، فتوقف لساني عن الكلام -هل بقي فيه شيء؟- يقول: لم يبقِ الله عز وجل إلا سمعي، أسمع ما يسوءني وأنا على الفراش، عندي زوجة، يسقوني وأنا غير عطشان، وأعطش فلا أرتوي، وآكل وأنا شبعان، وأجوع فلا أُطْعَم، وأُكْسَى وأنا كذا، يقول: وهكذا، أذوق الويل والمر والألم، يقول: حتى جاء يومٌ من الأيام فجاءت جارة لنا -يسمع كل كلام حوله، ولا يرى، ولا يستطيع أن ينطق ولا يتحرك- يقول: جاءت جارة لنا، فسألت زوجتي: كيف حال زوجك؟ فقالت الزوجة قالت: لا حيٌ فيُرجى، ولا ميتٌ فيُنسى،

يقول: فتألمت من هذه الكلمات حتى انهمرت دموعي وأنا أبكي على الفراش، يقول: فلما جاء آخر الليل دعوت الله جل وعلا، واجتهدت بالدعاء وأنا أبكي وأستغيث بالله، وأتوسل إلى الله، فجاءني ألم شديد في جسمي فأنهكني الألم، حتى أغمي علي، يقول: وبعد ساعات استيقظت من النوم فوجدت يدي على صدري، يقول: فحركتها، فإذا هي تتحرك، ويدي الأخرى تتحرك، ورجلاي يقول: فقمت على جسدي، وأنا أتكلم، ففتحت الباب فنظرت إلى النجوم، وأنا أقول: يا قديم الإحسان لك الحمد، يا قديم الإحسان لك الحمد، وأنا ألتفت إلى مَن حولي وأقول: لربي الحمد، لربي الحمد: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ [النمل:62] الكافر إذا اضطر استجاب الله له، الكافر إذا ضاقت عليه الأمور، وأخلص الدعاء، استجاب الله له، كيف بالمؤمن! أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ [النمل:62].


يقول لي المسكين: قال لي الطبيب: مرضك لا شفاء له، قلت له: كذب الطبيب، فما من داء إلا أنزل الله له دواء، عَلِمَه مَن عَلِمَه، وجَهِلَه مَن جَهِلَه؛ ولكن هل طرقْتَ باب الله؟ وهل استغثت بالله؟ وهل جربت الدعاء من القلب؟


^^قصة المرأة التي كانت تصرع وتتكشف^^


امرأة أصيبت بالصرع، فتأتي إلى الرسول فتقول له
(يا رسول الله! ادعُ الله لي، قال: إن شئتِ دعوتُ الله لك، وإن شئتِ صبرتِ ولك الجنة، قالت: بل أصبر ) إذا كان الأمر فيه جنة سأصبر: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:155-156].

^^النبي صلى الله عليه وسلم وهجرته إلى الطائف^^


أوجه هذا الحديث إلى كل من خسر ماله، إلى كل من فقد الدنيا، إلى كل من أصيب بمصيبة، إلى الدعاة إلى الله، إلى الصالحين المصلحين، إلى من أوذي في الله، إلى من أوذي لأنه متمسكٌ بسنة رسول الله، إلى كل محجبة يُستهزأ بها، ولأنها ملتزمة يُفتَرى عليها، أوجه هذا الحديث.
أقول: إن النبي عليه الصلاة والسلام هو أشد من أوذي، وأكثر من أصيب.


يَخْرج من
مكة إلى الطائف .
ولِمَ خرج من
مكة مهاجراً إلى الطائف ؟
لأنه في
مكة ضُرب، وشتم، واتُّهم بعقله حتى قيل: سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ [الذاريات:52].
في
مكة كان يسجد فيُؤتى بسلى الجزور فيوضع على ظهره.
في
مكة خُنِق حتى كاد يُقتل عليه الصلاة والسلام.
في
مكة أصيب بالجوع حتى تمر عليه الثلاثون ليلة لا يجد ما يأكل إلا ما يواريه بلال تحت إبطه.
هكذا أصيب عليه الصلاة والسلام.


خرج إلى
الطائف ما الذي حصل له؟


رمي بالحجارة، وتُبِع بالعبيد، والصبيان، والأطفال، والسفهاء، يركضون خلف خير مَن وطئت قدمُه الثرى، خلف خير إنسانٍ على وجه الأرض، يرمونه بالحجارة، دَمَعَت عينه، انطلق وهو مهمومٌ على وجهه، رفع يديه إلى الله وهو يقول ولسان

حال كل داعية إلى الله مهموم، كل داعية إلى الله مكلوم، كل داعية إلى الله مبتلى، لسان حاله يقول:

(اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الرحمين، يا رب المستضعفين، إلى مَن تكلني؟ إلى قريبٍ يتجهمني؟ أم إلى عدوٍ ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضبٌ عليَّ فلا أبالي؛ لكن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن ينزل بي غضبك، أو يحل عليَّ سَخَطُك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك ).


يا أخي الكريم! يا أخي العزيز! يا من ابتُلي! يا من ظُلم! يا من قُهر! يا من استهزئ به! اسمع يا أخي الكريم إلى هذا الشاعر ماذا يقول وهو يرى حال المسلمين! وكأنه يصف حالنا، المسلمون في الدنيا إما حروبٌ قاتلة، أو جوعٌ طاحن، أو مرضٌ متفشٍ، أو جهلٌ قابع، هذه حال المسلمين إلا مَن رحم الله، اسمع ماذا يقول!


لكل شيء إذا ما تم نقصان فلا يغر بطيب العيش إنسان

هي الأيام كما شاهدتها دولاً من سره زمن ساءته أزمان

وتلك دار لا تبقي على أحد ولا يدوم على حال لها شان


أما سمعت أن زكريا قُتِل، ويحيى ذُبِح، ويوسف سُجِن، وسار على هذا الطريق الأولون، فهل أنت بعيدٌ عنهم؟!

لقد حفت الجنة بالمكاره.


سُب الرسول حتى قيل له: ساحرٌ مجنون، عليه الصلاة والسلام، قال الله جل وعلا: كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ [الذاريات:52]

أخْرِجْ لي رسولاً ما قيل له: ساحرٌ أو مجنون، وهم أعقل الناس، وأفضلهم، وأشرفهم مكانة، قال الله: أَتَوَاصَوْا بِهِ [الذاريات:53] هل يوصي بعضهم بعضاً؟ بل السب والشتم والطعن، حتى الطعن في العرض وصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، تُكِلِّم في عرضه، والإفك العظيم والإفك الكبير يفنده الله في القرآن إلى قيام الساعة، وكأنها سنة كونية أن يرسلوا الكذب حول المصلحين، فإذا بالنبي عليه الصلاة والسلام يقف صامداً ثابتاً

وكأن الله عز وجل يقول له: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ [النحل:127] بل موعد هؤلاء وهؤلاء يوم اللقاء، يوم يجمعهم الله جميعاً، المؤمنون الصالحون الدعاة مع المنافقين.

يجمعهم الله جل وعلا يوم القيامة، فإذا بالرب جل وعلا يقول لهم:

( إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً) [المؤمنون:109-110]

أتذكرون لما كنتم تسخرون منهم، ومن أعمالهم، ودعوتهم، وسنة نبيهم، بل من مصحفهم؟! أتذكرون؟!( فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ * إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا) [المؤمنون:110-111].


الصبر.. الصبر.. أيها الداعية:
لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ [الروم:60]
اصبر .. كن حكيماً، كن حليماً، فإن هذا الطريق لا يَثْبُت عليه إلا الصابرون.


الشيخ نبيل العوضي

الخميس، 29 مايو 2008